اليرقان عند الأطفال حديثي الولادة وأسباب الركود الصفراوي
عندما تبلغ الطفلة "أروى" أربعة أسابيع من العمر، لاحظ والداها ازدياد اصفرار عينيها. قام الطبيب بتشخيص حالتها على أنها "يرقان فسيولوجي" وهو حالة شائعة تصيب حوالي 60٪ من الأطفال في هذا العمر. بعد أسبوعين من الرضاعة الطبيعية، أوصى الطبيب بتحويلها إلى الحليب الصناعي لأنه قد يكون السبب في حالة "يرقان حليب الأم".
التغيرات في حالة الطفلة
لاحظ الوالدان أن براز أروى أصبح شاحبًا، رغم أن وزنها وطولها كانا طبيعيين، ولم تكن هناك مضاعفات أثناء ولادتها الطبيعية. ومع ذلك، تم اكتشاف أن نسبة البيليروبين الكلية في دمها بلغت 15، منها 12 بيليروبين مباشر، في حين كانت مستويات إنزيمات الكبد الأخرى مثل ALT وAST طبيعية.التشخيص
أي طفل يعاني من اليرقان لمدة تزيد عن أسبوعين يجب تقييمه للتحقق من وجود ركود صفراوي عبر قياس نسبة البيليروبين المباشر وغير المباشر. في حالة "أروى"، تم اكتشاف أن نسبة البيليروبين المباشر تمثل أكثر من 20% من إجمالي البيليروبين، مما يرفع احتمالية وجود خلل في وظائف الكبد أو القنوات الصفراوية.
عملية تكوين الصفراء
تتكون الصفراء في خلايا الكبد (الخلايا الكبدية) ومن ثم تُنقل عبر القنوات الكبدية اليمنى واليسرى إلى القناة الكبدية المشتركة، ثم إلى القناة الصفراوية المشتركة وأخيرًا إلى الأمعاء. يتم إنتاج البيليروبين من تحلل البروتينات المحتوية على الهيم (مثل الهيموغلوبين)، وبعدها يتحول إلى بيليروبين الذي يُنقل إلى الخلايا الكبدية ليتم تصريفه عبر القنوات الصفراوية.
الركود الصفراوي وأسبابه
الركود الصفراوي يحدث عندما يتوقف تدفق الصفراء، مما يؤدي إلى احتباس المواد التي تعتمد على هذا التدفق مثل الأحماض الصفراوية والكوليسترول والبيليروبين. هذا الاحتباس يسبب مشاكل مثل سوء امتصاص الدهون والفيتامينات الذائبة في الدهون، مما قد يؤدي إلى تلف الخلايا الكبدية بشكل تدريجي ويؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم البابي وفشل الكبد.
أسباب الركود الصفراوي
يمكن أن تكون أسباب الركود الصفراوي داخل الكبد أو خارجه. السبب الرئيسي الخارجي هو رتق القنوات الصفراوية، في حين أن الأسباب الداخلية قد تكون ناتجة عن إصابات أو أمراض وراثية مثل متلازمة "ألاجيل". أيضًا، يمكن أن يحدث الركود الصفراوي بسبب التهابات أو اضطرابات أيضية أو تسمم دموي.
يجب دائمًا التعامل مع اليرقان المستمر عند الأطفال بجدية، خاصة عندما يُصاحبه أعراض مثل البراز الشاحب أو تضخم الكبد والطحال. الكشف المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يحمي الأطفال من تطور مضاعفات خطيرة مثل فشل الكبد.
كيف يؤثر الركود الصفراوي على الطفل؟
الركود الصفراوي ليس مجرد تغيير في لون الجلد والعينين؛ بل قد يؤثر على صحة الطفل بشكل عام. احتباس الصفراء يؤدي إلى:
- نقص امتصاص الدهون والفيتامينات الذائبة فيها: مما يؤثر على نمو العظام والجهاز العصبي.
- زيادة خطر العدوى: نتيجة ضعف المناعة المرتبط بسوء التغذية.
- التأثير النفسي على الوالدين: الشعور بالقلق والحيرة قد يؤدي إلى تأخير البحث عن الرعاية الطبية.
دور الرضاعة الطبيعية والحليب الصناعي
تحدث العديد من حالات اليرقان الفسيولوجي بسبب الرضاعة الطبيعية، لكنه لا يعني بالضرورة التوقف عنها. يُنصح بـ:
- متابعة الرضاعة مع تحسين النظام الغذائي للأم.
- مراجعة الطبيب لتحديد إذا ما كان الحليب الصناعي حلاً مؤقتًا، كما في حالة "أروى".
كيف تميّز بين اليرقان الطبيعي والركود الصفراوي؟
- اليرقان الطبيعي: يبدأ خلال الأيام الأولى بعد الولادة، ويختفي تدريجيًا دون تدخل.
- الركود الصفراوي: يستمر لفترة أطول، ويرافقه أعراض مثل البراز الشاحب أو البول الداكن.
الفرق الأساسي يكمن في فحص مستويات البيليروبين وتقييم الكبد.
اترك تعليقا