أسباب القيء عند مريض السكر: علامات لا يجب تجاهلها
القيء ليس عرضًا غريبًا في حياة بعض مرضى السكري، ولكنه قد يكون في أحيان كثيرة مؤشرًا لمشكلة صحية تتطلب التدخل السريع.
سواء كان المريض يعاني من السكري من النوع الأول أو النوع الثاني، فإن القيء المتكرر أو المفاجئ يستدعي الانتباه لأنه قد يكون مرتبطًا باختلال في نسبة السكر، أو نتيجة لمضاعفات خطيرة مثل الحماض الكيتوني أو تأثيرات الأدوية.
في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل أسباب القيء عند مريض السكر، وكيفية التعامل معها، ومتى يجب التوجه للطوارئ.
أولًا: اضطرابات مستوى السكر في الدم
1. ارتفاع سكر الدم الشديد (Hyperglycemia)
عندما يرتفع مستوى السكر في الدم بشكل مفرط، قد تظهر عدة أعراض من بينها القيء. وغالبًا ما يحدث ذلك نتيجة لعدم كفاية جرعة الأنسولين أو تناول كميات كبيرة من الكربوهيدرات دون مراقبة جيدة.
الأعراض المصاحبة:
- عطش شديد
- تبول مفرط
- تعب وإرهاق
- غثيان وقيء
- تشوش في الرؤية
إذا تُرك الارتفاع دون علاج، قد يتطور إلى حالة خطيرة تُعرف بـ الحماض الكيتوني السكري (DKA).
2. انخفاض سكر الدم (Hypoglycemia)
رغم أن انخفاض السكر غالبًا ما يسبب التعرق والارتعاش والجوع، إلا أن القيء قد يظهر كأحد الأعراض في بعض الحالات، خصوصًا عند الأطفال أو كبار السن.
أسباب انخفاض السكر:
- تناول جرعة زائدة من الأنسولين
- تخطي الوجبات
- ممارسة نشاط بدني زائد دون تعديل الجرعات
ثانيًا: الحماض الكيتوني السكري (Diabetic Ketoacidosis)
يُعتبر الحماض الكيتوني من أخطر أسباب القيء عند مريض السكر، ويحدث عادةً في مرضى النوع الأول، لكنه قد يصيب بعض مرضى النوع الثاني في حالات نادرة.
ما هو الحماض الكيتوني؟
عندما لا يحصل الجسم على كمية كافية من الإنسولين، يبدأ في تكسير الدهون للحصول على الطاقة، ما يؤدي إلى تراكم الأجسام الكيتونية في الدم، وهي مواد حمضية تسبب القيء والتسمم.
الأعراض :
- غثيان وقيء شديد
- رائحة فم كيتونية (مثل الأسيتون)
- تنفس عميق وسريع
- ألم في البطن
- جفاف شديد
- تغير في الوعي
الحل: التوجه للطوارئ فورًا لتصحيح الحموضة والسكر بالسوائل والأنسولين الوريدي.
ثالثًا: التأثيرات الجانبية لبعض أدوية السكري
بعض أدوية السكري قد تسبب الغثيان والقيء كأثر جانبي، خاصة في بداية الاستخدام أو عند زيادة الجرعة.
من أبرز هذه الأدوية:
الميتفورمين (Metformin):
يسبب الغثيان والقيء واضطرابات المعدة لدى نسبة من المرضى، خاصة إذا تم تناوله دون طعام.
أدوية GLP-1 agonists مثل:
ليراجلوتايد (Victoza)، دولاجلوتايد (Trulicity):
تعمل على تأخير إفراغ المعدة، مما يسبب شعورًا بالغثيان وقد يصل إلى القيء في بعض الحالات.
مثبطات SGLT2:
قد تؤدي إلى الجفاف، والذي بدوره يزيد من خطر القيء عند مريض السكر.
رابعًا: مشاكل في المعدة والجهاز الهضمي
مرضى السكري عرضة لمجموعة من الاضطرابات الهضمية التي قد تسبب القيء، ومنها:
1. خزل المعدة السكري (Diabetic Gastroparesis)
خزل المعدة هو أحد مضاعفات الأعصاب المرتبطة بالسكري، ويؤدي إلى بطء أو توقف إفراغ المعدة من الطعام.
الأعراض:
- الشعور بالامتلاء سريعًا
- انتفاخ
- غثيان وقيء متكرر
- صعوبة في ضبط سكر الدم
2. الارتجاع المعدي المريئي
يزداد خطر الارتجاع الحمضي لدى مرضى السكري، ما قد يؤدي إلى غثيان وقيء، خاصة بعد الأكل.
خامسًا: التهابات أو أمراض مصاحبة
1. العدوى
أي عدوى فيروسية أو بكتيرية، سواء في الجهاز الهضمي أو الجهاز التنفسي، قد تسبب القيء عند مريض السكر، ويجب مراقبة سكر الدم عن قرب خلال فترة المرض.
2. الفشل الكلوي
السكري هو السبب الأول للفشل الكلوي المزمن. وعند تدهور وظائف الكلى، قد تتراكم السموم في الدم، مسببة الغثيان والقيء، خصوصًا في المراحل المتقدمة.
سادسًا: الأسباب النفسية والعصبية
بعض مرضى السكري يعانون من الاكتئاب أو القلق المزمن، وهي حالات قد تظهر أحيانًا على شكل أعراض جسدية مثل الغثيان والقيء، خاصة في الصباح أو في أوقات التوتر.
متى يجب القلق والتوجه للطوارئ؟
على مريض السكر التوجه للطبيب فورًا إذا ظهر أحد الأعراض التالية مع القيء:
- ارتفاع شديد في سكر الدم (أكثر من 300 ملغم/دل)
- أعراض الجفاف (جفاف الفم، قلة التبول)
- ألم شديد في البطن
- تغير في درجة الوعي أو فقدان الوعي
- تنفس غير طبيعي أو سريع
التشخيص
يعتمد الطبيب على الفحص السريري وتحاليل الدم لتحديد السبب. تشمل التحاليل:
- سكر الدم العشوائي
- تحليل الأجسام الكيتونية
- وظائف الكلى والكبد
- تحليل بول
- اختبار الحمل لدى النساء في سن الإنجاب
العلاج
يعتمد علاج القيء عند مريض السكر على السبب:
- الحماض الكيتوني: يحتاج إلى تعويض السوائل والأنسولين ومراقبة الإلكتروليتات.
- الأدوية المسببة للغثيان: قد يتم تعديل الجرعة أو تغيير الدواء.
- خزل المعدة: يتم علاجه بنظام غذائي خاص وأدوية محفزة لحركة المعدة.
- العدوى: تُعالج بالمضادات الحيوية أو الراحة حسب نوع العدوى.
الوقاية
- التحكم الدقيق في سكر الدم عبر المتابعة المنتظمة مع الطبيب.
- الالتزام بتعليمات تناول الأدوية.
- شرب كميات كافية من الماء لتجنب الجفاف.
- مراجعة الطبيب عند ظهور أي أعراض غير معتادة، وعدم تجاهل نوبات القيء.
القيء عند مريض السكر ليس عرضًا بسيطًا دائمًا، بل قد يكون ناقوس خطر ينذر بمضاعفات خطيرة مثل الحماض الكيتوني أو فشل الكلى.
لذلك من الضروري فهم أسباب القيء عند مريض السكر والتعامل معه بوعي وسرعة. تبقى الوقاية والمراقبة المستمرة لمستوى السكر هما السلاح الأهم لتفادي هذه المضاعفات.
اترك تعليقا